عودة إلى أخبار ومستجدات المؤلفين
رابح مشحود - المجاهد والدبلوماسي الجزائري رابح مشحود - السيرة الذاتية

ماذا يجب أن تعرف عن المجاهد والدبلوماسي الجزائري “رابح مشحود” وسلسلة مذكراته ؟

مرحباً مُجدداً،

طالما كان في الخضراء أمثال هؤلاء الرجال الجِبال فلا عجب أن الجزَّائريين قدموا من الشهداء ما لم تقدمه “رُبما” عشرات الدول العربية الأخرى مُجتمعه في العقود الماضية، وذلك إبان الثورة الجزائرية على المحتل الفرنسي .

رُبما الكثير منّا يعرف أنَّ الجزائريين قدموا مليون ونصف المليون شهيد، ومئات الآلاف من المصابين في ثورة التحرير الجزائرية، التي رفعت قامة العرب ككل بانتصارها على الإمبراطورية الفرنسية، وحُلفاؤها،  خصوصاً أنه أثناء ثورة التحرير استخدم الفرنسيون وحلفائهم كل الأساليب القتالية الحقيرة، والأسلحة المحرمة دولياً، منها ما استُخدم على سبيل القصد ومنها ما استخدم على سبيل التجريب. !

غالباً جميعنا يعرف هذا المشهد العام، أن ثمة ثورة مسلحة تمت على المحتل، وانتصرت في النهاية.

لكن مالا يعرفه الكثيرون هو الأحداث التي كانت في الخلفية، الأسرار والحقائق التاريخية التي كانت تدور بالجزائر وخارجها لفترات ما قبل الثورة، ثم أثناء قيام الثورة وأحداثها، والكفاح المسلح، وما بعد ثورة التحرير لسنوات طويلة، ماذا كان يجري على مستوى قادة جيش التحرير في الجزائر؟، من هم أشهر القادة الذين لا نعرف عنهم الكثير؟، كيف كانت تتم عمليات التصدي للمحتل؟ كيف استطاع الجزائريون الإنتصار بثورتهم على واحده من أعتى القوى العسكرية في ذلك الوقت؟، هناك الكثير من الأمور المثيرة والعظيمة والملهمة التي قام بها هذا الشعب العظيم. لكن الكثيرون منا للأسف لا يعرفون شيء عنها، أو لا يعرفون الكثير على أفضل احتمال.

مِن هؤلاء الرجال الذين قادوا وشاركوا وجاهدوا أثناء ثورة التحرير الجزائرية السيد المٌجاهد، الثائر(رابح مشحود) . إذا كنت لا تعرف الكثير قبلاً عن المجاهد رابح مشحود فنحن نأسف لذلك حقاً، وفي السطور التالية سنقدم توثيقاً تعريفياً بأحد هؤلاء العظماء الذين كافحوا وجاهدو ضد الإحتلال الفرنسي في الجزائر، وكان شاهداً على عشرات الأحداث التي شهدتها الجزائر قبل وأثناء وبعد ثورة التحرير.

التعريف الشخصي :

الإسم: رابح بن علي بن الشيخ محمد  مشحود ،

الميلاد: من مواليد 16-11-1928  ببلدية “امجازالدشيش” ولاية  “سكيكدة”.

النشأة: حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، ينتمى الى عائلة وطنية و اسلامية، كان طالب بمعهد عبد الحميد بقسنطينة، ثم جامع الزيتونة المعمور بتونس، ثم متخرج من جامعة بغداد بالعراق، حيثُ كان رئيس فرع الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين .

الأعمال :

  • ضابط بجيش التحرير الوطني أثناء ثورة التحرير الجزائرية، عمل بالمكتب العسكري بالقاهرة، عضو بالمنظمة السرية (أثناء ثورة التحرير الجزائرية).
  • ألقى عليه القبض العديد من المرات (نتاج جهاده ضد المحتل الفرنسي)  .
  • محرر مقرى الاذاعة و التلفزيون بقسنطينة .
  • مستشار برئاسة الجمهورية من 1963 الى غاية 19-06-1965،
  • ثُم دبلوماسى بوزارة الشؤون الخارجية ،عمل فى عدة بلدان عربية و أجنبية، كما عمل ممثل للجزائر فى منظمة التغدية و الزراعة التابعة للأمم المتحدة، بالاضافة إلى مشاركته فى عدد من المؤتمرات الطلابية العالمية و عدد من مؤتمرات القمة العربية، مع عمله على ادخال اللغة العربية الى الأمم المتحدة و وكالاتها المتخصصة .
  • قضت كل عائلته شُهداء (الأب والإخوة)  .

رابح مشحود مُجاهداً أثناء ثورة التحرير: 

في مذكرات المجاهد رابح مشحود الصادرة في خمس أجزاء منفصلة عبر مجموعة الأمة في مصر، يروى المجاهد رابح مشحود شهاداته عن ثورة التحرير الجزائرية، وجهده وتنقلاته، ومشاهد وأحداث قد تكون لم تُذكر قبلاً عن أحداث الثورة الجزائرية، فيصف المجاهد رابح مشحود الجزء الأول من مذكراته قائلاً : (أتطرق فيه إلى ذكريات مليئة بالأحداث، بدءًا بدراستى بمدينة “قسنطينة” و من بعده بتونس، ثم عملي في تونس و اتصالاتي مع الوطنيين التونسيين، فرحلاتي من تونس إلى ليبيا بتكلّيف من طرف الشهيد “زيغود يوسف ” لتهريب الأسلحة الى تونس، فلقائي بالسيد “أحمد بن بله” و بضابط المخابرات المصرى”فتحي الذيب”، كما سأتحدث عن حقائق مؤلمة حول أهم قاعدة خلفية للثورة الجزائرية بليبيا، وعن عودتى من بغداد الى تونس ثم الدخول  متنكّرا إلى الجزائر ابان الاستقلال).

رابح مشحود شاهداً على انقلاب 1965 

كان المجاهد والدبلوماسي رابح مشحود من الشخصيات ذات الثقل السياسي والشعبي، ونتاج ذلك كان ذا ثقل لدى نظام الرئيس “أحمد بن بله”، وكان يعمل مستشاراً برئاسة الجمهورية، (ربما أحد المستشارين القلائل الذين قد تسمع عنهم يوماً ما، لم ينتفع ولم يجني شيئاً من عمله برئاسة دولة من أكبر الدول العربية)، كان المجاهد رابح مشحود أيضاً شاهداً على مدة رءاسة “بن بله” للجزائر، وشاهداً على الإنقلاب عليه، ولذا فقد أفرد الجزء الثاني من مذكراته لكل ما يتعلق بالإنقلاب عليه، متحدثاً عن المؤمرات الداخلية والخارجية ودور السفارة الأمريكية وغيرها، فيقول واصفاً الجزء الثاني من المذكرات (أتطرق فيه للتاريخ الى موضوع انقلاب 19 جوان 1965 الذي كتمته في نفسي سنوات طوالا و ما أصعبها، وسأكشف اللثام عن حقائق مذهلة لأول مرة علما أننى كنت حينها مستشار برئاسة الجمهورية من 1963 الى غاية 19-06-1965) .

رابح مشحود دبلوماسياً وممثلاً للجزائر في العديد من المحافل الدولية:

لم يستطع نظام ما بعد الرئيس “بن بله” تجاهل قيمة وقوة وتأثير المجاهد رابح مشحود في الشارع الجزائري، فحاول كثيراً الاستفادة من خدماته لصالحه بشتى الطرق، لكن مبادئ الرجل دوماً وخلفيته الدينية والتربوية كانت ما يحرك قراراته وليس الانتفاع المادي أو المنصب، خصوصاً وأنه اصطدم مثله مثل الكثيرين بالنظام القمعي الجديد، ومحاولة تغريب الجزائر، ولذا رفض رابح مشحود كل المُغريات فمُورس ضده الإقصاء، ومحاولات التهميش، والتضييق، بشتى السبل والوسائل خصوصا بعد أن رفض عرض الرئيس الجديد “هوارى بومدين ” كما ورد فى الجزء الثانى عندما مما قال له ( أرجوك إعفائي من الرئاسة ومن الإذاعة والتلفزيون، أنا لا أستطيع أن أعمل عملا من شأنه أن يجعل ابني يستحي  ويخجل في المستقبل مني باعتباري والده، فأنا لن أقبل لنفسي أن أتكلم عن بن بلة الذي كنت أعمل معه  ) .

لاحقاً بدأت الرحلة الدبلوماسية للمجاهد رابح مشحود فعمل لصالح بلاده في الداخل أولاً، ثم في الخارج في العديد من الدول، كالأردن، والتي أفرد لها جزءاُ خاصاً من مذكراته وهو الجزء الثالث؛ اذ مما يتحدث فيه عن عمله ضد جواسيس اليهود و عن مشاركته فى معركة “الكرامة” ضد اسرئيل ، حيث يقول تعريفاً بهذا الجزء (أتطرق فيه الى ذكريات مليئة بالأحداث تدور أحداثها  بالأردن، حيثُ لا أقول نقلت اليه و إنما أقول أبعدت اليه لأن أصحاب القرار أرادوا ذلك آنذاك . سأقدم في هذا الجزء معلومات هامة، شيقة و سرية سأكشف عنها لأول مرة) .

كما مثَّل بلاده مُجدداً كدبلوماسي بعد عودته من الأردن بدولة الإمارات العربية المتحدة ، والتي أفرد لها أيضاً جزءاً من مذكراته وهو الجزء الرابع، يقول تعريفاً بهذا الجزء (أتطرق فيه الى مذكراتي بعد عودتي من الأردن الى الجزائر و من هناك الى دولة الامارات العربية المتحدة، أين بدأت مرحلة أخرى من أعمالي التي كلها حصلت في ظروف مليئة بالأحداث التي سأكشف عنها لأول مرة).

أما في الجزء الخامس من مُذكرات المجاهد والدبلوماسي رابح مشحود فيقول عنه (أتطرق فيه الى مذكراتي حول عملي بمدينة “روما” يايطاليا أين بدأت حياة جديدة مغايرة تماما لما كنت قد عشته في السابق في الدول العربية و التي هي مليئة بالأحداث : الدبلوماسية ،التجسسية، كشف للاختراقات ، تعاون.. الى أن عدت الى الجزائر أين سأتطرق الى أحداث هي الأخرى مليئة بالأعمال) .

وأخيراً

إن مذكرات المجاهد والدبلوماسي رابح مشحود تمثل عملاً هائلاً وقيمة تاريخيه نفخر بها ونسعد بتحمل مسئوليتها، هذه حكاية أحد الأحرار، الثوار، المجاهدين، وشهادته على أهم عصور الجزائر الحرة في تاريخها، هذه شهادته الحيّة وأسرار حياته التي يرويها لأول مرة، وهو من كان في قلب كل الأحداث الحرجة في جزائر الأحرار، وعاملاً مؤثراً فيها.

هذه وثيقة للتاريخ توثق الكثير عن ثورة التحرير وجيش التحرير الوطني ورجاله الأبطال ، وتحكي وتصف الكثير من خبايا تلك الثورة التاريخية العظيمة، تصف جزءاً من صمود هذا الشعب وتضحياته، كما تُعرّف عن هذا البطل المجاهد، وسيرة حياته،

هذه سيرة رجلاً ممن حمل السلاح ضد المحتل، وحَمل القلم والخطابة والثورة ضد الدخلاء والمتخاذلين، وحمل العمل الدبلوماسي لصالح بلاده كما ينبغي أن يكون. وتحمّل في سبيل كل ذلك الكثير…

هذه حكاية المُجاهد والدبلوماسي الجزائري رابح مشحود.

شارك هذا المحتوى

Comments (7)

  • وسيم Reply

    الاستاذ رابح مدرسة ثمينة، شفاه الله

    30 مارس، 2019 at 2:09 ص
  • بشير خ Reply

    الاستاذ رابح مشحود قامة من قامات الجزائر التي يفتخر بها جيل ما بعد الثورة التحريرية ويعتبره مرجعا له .
    وهو بحق مدرسة للشباب في النضال والكفاح والثبات في مبادئه واخلاقه العالية التي لم يحد عنها قيد انمة رغم الاغراءات المتعددة التي اقترحت عليه في مراحل مختلفة من حياته .
    عرفته رجلا متواضعا متخلقا اذا حضرا مجمعا يحسن الاستماع ويحترم المتكلم ، وإذا طلب منه الكلام كان فصيح اللسان قوي الذاكرة يسرد الاحاث بدقة متناهية وكأنه يعيشها اللحظة ، يوصلك الحدث الذي يتكلم عنه او الفكرة التي يناقشها بدبلوماسية فائقة تفرض عليك احترامه .
    عرفت عنه امورا اعتبرها غير عادية .. يكون مريضا متعبا ضغطه مرتفع جدا ورغم ذلك يلبي الدعوات التي تقدم له من الجامعات والجمعيات الخيرية لالقاء المحاضرات عن تاريخ الثورة الجزائرية وابطالها الشهداء أو المجاهدين الاحياء ولما يقف أمام الميكروفون ويبدأ في الحديث عن الثورة وعظمتها تراه وكأنه في العشرين من عمره ، يدهب عنه التعب يعتدل ضغطه تحس أنه في راحة نفسية كبيرة .
    04/04/2019 الجزائر

    04/04/2019
    الجزائر

    4 أبريل، 2019 at 5:49 م
  • رشيد عبد الحق Reply

    المجاهد رابح مشحود من الرجال الذين شاركوا في بناء الجزائر ورفع رايتها عربيا ودوليا.متعه الله بوافر الصحة وكامل السعادة. نسال الله له العافية ونرجو ان نلتقي به قريبا في احسن حال.

    13 أبريل، 2019 at 7:18 ص
  • عاصم الشويخ Reply

    شكراً لكم،، وشكراً لهذا الرجل العظيم الذي خدم بلاده بضمير حي، هذا الرجل الذي نفتقد مثله في مصرنا الحبيبة.
    عاصم الشويخ

    19 أبريل، 2019 at 4:37 م
  • DR.mostfa moeash Reply

    (إن هذا الفريق أو ذاك من المتسترين باسم الوطنية أو الذين ليسوا في الحقيقة إلا وجوها شاحبة حالكة لعملة واحدة
    نعم إنهم جميعهم يستخدمون نفس الأساليب للوصول إلى نفس الأهداف، وإنهم جميعهم يعملون جاهدين لاستغلال مواطنيهم) ج2 رابح مشحود
    ———————
    لو أن هذه المذكرات ليس فيها إلا تلك الجملة لكانت كافية عن حنكة هذا الرجل ومعرفته
    ما أكثر تلك الوجوه في تلك البلاد العربية الحزينة

    19 أبريل، 2019 at 4:48 م
  • ابو فادى Reply

    الاستاذ رابح مشحود قامة من قامات الجزائر التي همشت عمدا من طرف عملاء فرنسا بعد الاستقلال ، و هو
    مدرسة لنا في النضال والكفاح والاخلاقه العالية التي لم يحد عنها رغم الاغراءات المتعددة التي اقترحت عليه في مراحل مختلفة من حياته.
    ان الجزء الثانى من مذكراته يوضح كيف عمل فى السر من اجل بلده، بارك الله في علمه و صحته و عمره

    8 مايو، 2019 at 10:48 ص
  • عبد الرحمن Reply

    السلام عليكم
    بارك الله فيكم على هذا العمل.
    هل من الممكن الاتصال بالمجاهد الاستاذ رابح مشحود.
    لعمل أكاديمي حول مرحلة عمله كمستشار للرئيس بن بلة.
    و شكرا على الاعانة
    الدكتور عبدالرحمن بوغراب

    8 مارس، 2022 at 10:58 م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عودة إلى أخبار ومستجدات المؤلفين