عودة إلى أخبار ومستجدات المؤلفين

توقيع عقد رواية ” رسالة من العالم الأخر” …

رواية “رسالة من العالم الأخر” ، هي العمل الثالث للكاتب الروائي والطبيب المصري د. عادل عوض ، لدى مجموعة و مؤسسة معرض المؤلفين العرب، 

هي أحد الروايات المميزة والتى تقع ضمن تصنيف أدب الخيال، كعادة الكاتب يتناول قضية مرتبطة بالواقع ولكن بشكل خيالي بحيث يسقط روايته الخيالية على القضية محل النقد أو التفنيد ، 

متوقع صدور رواية “رسالة من العالم الأخر” بحلول معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2016 ، والذي سيقام في الفترة ما بين 28 يناير و 10 فبراير 2016 . 

من الرواية :

حاولت ليلى أن تنسى ماحدث ، إلا أنها لم تستطع أن تنسى .

دخلت غرفتها بهدوء وهى تحاول ألا تزعج أبويها .. أضاءت

غرفتها وألقت حقيبة يدها على فراشها ، وقفت حائرة فهى

لازالت تشعر برعشة خفيفة ولازال قلبها تعلو نبضاته.. وتسمع

صوت زفيرها وشهيقها ، تماسكت أعصابها ، واستعاذت بالله ،

وغيرت ثيابها وجلست على حافة السرير مطأطأة رأسها وأخفت

وجهها بين راحة يديها تحاول أن تنسى ماكان على شاطئ النيل ..

كيف لها أن تنسى بسهولة ، إن ماحدث شئ غريب عليها فهى فتاة

عقلانية التفكير ، منطقية التفسير ، أما ما حدث ليس له أى تفسير

والمنطق يعجز عن تبريره والعقل يقف حائرا امامه.. ليس بحلم

فتعتبره اضغاثا وليس بتهيؤ تتجاهله ولكنه واقع راته وسمعته يقينا

… حاولت ليلى ألا تستعيد مارأت وسمعت ، فهمست لنفسها يبدو

أننى فى حاجة لقرص مهدئ حتى أنسى ماحدث وأنام . تناولت

قرصين من مهدئ لايفارق درج كومود جوار فراشها وأطفأت

الأضواء.

ألقت ليلى جسدها على الفراش الأحمر الأنيق ، وسحبت غطائها،

ووضعت يدها أسفل وجهها كما تعودت ، وحدثت نفسها قائلة:

ربما تكون هى بداية الهام قصة جديدة ، لابأس بمقدمتها ، امرأه

تبدو على سطح الماء تريدنى ان ابحث عن ابنائها ..فلتكن رواية

اتناول من خلالها مصير ابناء فقدوا الاب والام فى لحظة .. نعم

رسالة من العالم الاخر…. (9)

يمكننى إكمال فصولها والقاء الضوء على حتمية رعاية الأيتام ..

من خلالهم ربما تكون حملة للاهتمام بهم .. لاباس بها من

مقدمة…

ماهى إلا دقائق حتى كان المهدئ سرى بدمائها واخذ بعقلها

وانساها ماكان على شاطئ النيل وخلدت إلى نوم عميق.

ليلى خريجة كلية الاداب .. تعمل صحفية فى جريدة اسبوعية،

وهى تحرر بابا تنشر به روايات قصيرة عن المجتمع ومشاكل

مهمشيه ، ولها قراء ينتظرون ماتكتبه ، فهى ذائعة الصيت ،

تملك وجها جذابا ذو بشرة بيضاء ، وجبهة متوسطة العرض ،

يحدها حاجبان رسما بكل عناية ، يعلوان عينين نجلاويتين

زرقاويتي اللون ، أسفلهما أنف دقيق وثغر صغيرتحيطه شفتين

صغيرتين، وتطلق لشعرها عنانه ، ليصل إلى جيدها ، وحين تسير

تتمختر كطاووس يبهر بجماله من يراه.

ولكن مع كل هذا الجمال الا أنها لم تتزوج بعد ، وقد بلغت الرابعة

والعشرين من عمرها ، فلم يستطع أن يدخل قلبها بعد اشرف أى

إنسان اخر، ذلك المهندس الشاب الذى توفى فى حادث اليم منذ

خمس سنوات ، لازالت تحبه ، ولم تفتح لسواه قلبها .

استيقظت ليلى من نومها على يد أمها تربت وجهها بحنان قائلة :

صباح الخير حبيبتى ، اصحى ..الساعة تجاوزت السابعة ،

هتتأخري على الشغل ، بلاش كسل قومى حبوبتى.

رسالة من العالم الاخر…

(10)

فتحت ليلى عينيها مبتسمة لأمها ، وإعتدلت فى جلستها مقبلة أمها

وهى تداعبها قائلة :

أحلى صباح لأحلى وردة ، منظرها لسه مخلصة حمامها .

إبتسمت الأم قائلة : عقبالك لما اشوفك وإنت طالعة من حمام

الصباحية ، يا أجمل زهرة شافتها عيونى .

ليلى : إحكى لى عملت إيه ياشقية امبارح ، ولا أقولك هسأل درش

الأم : درش نزل من بدرى ، هو زيك كسلان ، يالا قومى لولتى ،

الفطار جاهز.

نهضت ليلى من فراشها ، وساوت سريرها ، وتناولت منشفتها،

وإتجهت للحمام بينما أمها تغنى : ياصباح الخير يالى معانا،

الكروان غنى وصحانا ، والشمس طالعة فى ضحاها ، والطير

اهى سارحة فى سماها ، يالله معانا ، يالله معانا.

الأم هدى ذات الستة والأربعين عاما ، بوجها الفاتن الذى لايختلف

فى جماله عن ليلى ، حتى ان من يراها يظن ليلى أختها،

ولايصدق أنها إبنتها ، تعمل مديرة مدرسة إعدادية للبنات على بعد

خطوات من منزلها ، سيدة لبقة دائمة الإبتسام ، يحبها كل من

يعمل معها ، ويعتبرها تلاميذتها أما لهم ، فهى تعاملهم كأم وليست

كمديرة ، تعطف على الفقير منهم ، وتستمع لمشاكلهم ، وبابها

مفتوح للجميع ، حتى أنها تصمم أن ينادونها ماما هدى ، ولطالما

كانت هدى مصدرا لإلهام ليلى لكثير من قصصها التى تناولت

روايات حقيقية لتلميذات لديها .

رسالة من العالم الاخر…. (11)

أما والد ليلى الدكتور مصطفى الالفى ، أستاذ بكلية الزراعة ،

تجاوز الخمسين عاما ، رجل طويل القامة ، عريض المنكبين ، له

وجه مستدير عريض الجبهة ، وأنف بارز للأمام ، اسفله شارب

كثيف ، وقد غزا الشيب شعر رأسه ، إلا أنه رجل نشيط لايبدو

عليه أنه جاوز الخمسين عاما ، تراه يهرول درجات سلم كليته

صاعدا أو هابطا ، تزوج من هدى التى كانت تقطن بشارعه فى

حى الحدائق بعد قصة حب جميلة كللت بالزواج ، حياته كلها

تتعلق بليلى وهدى فهما كل شئ عنده.

وهو يهوى الأدب وقارئ جيد ، لايمر يوم عليه إلا وقد قرأ كتابا

أو قصة ، ورثت ليلى حب الأدب من صغرها ، فمنذ طفولتها

تستمع لأبيها يقص عليها مبسطا ماقرأه لها حتى يستوعبه عقلها

الصغير . عندما بلغت الثانية عشر بدأت ليلى تقرأ وتناقش أباها

فيما لاتستوعبه ، كانت فرحته لاتوصف حين أنهت ليلى ثلاثية

نجيب محفوظ وهى لم تتعدى الثالثة عشر عاما ، تبعتها بأدب

يوسف ادريس الذى استرعى انتباهها ، وتأثرت بكتاباته وكان له

أثر بالغ فى حبها للرواية القصيرة ، لدرجة أنها حاكت يوسف

ادريس فى كتابة الرواية القصيرة .

إلى جانب الأدب إستهوى ليلى قراءة علم النفس وعلم

الباراسيكولوجى أو علم ماوراء الطبيعة ، ذلك العلم الذى يختص

بدراسة الأشياء الخارقة أو الإدراك المعرفى لأشياء حدثت أو

تحدث أو ستحدث دون الإعتماد على الحواس الخمسة المعروفة ،

ولازال العلم يبحث فى حقيقتها محاولا أن يجد تفسيراً لها ، وقد

رسالة من العالم الاخر…

(12)

كان أبوها يهوى ذلك الفرع وتعمق بقراءته له ، وطالما دار نقاش

بينهما فى شتى الظواهر التى لايستطيع العقل تصديقها .

كما كان لدراسة علم النبات أثر واضح فى شخصية الدكتور

مصطفى ومن ثم تأثرت به ليلى. تعلم من النبات معنى الوقت

وقيمته ..ولما لا ولكل نبتة موعد لشتلها لايصلح نموها إلا به ،

فالوقت مهم لإنباتها والثوانى فى عمر النبات ذو قيمة لاتوصف قد

تفرق بين حياة وموت وبين إخصاب وإثمار أو ذبول وإقفار. تعلم

منه العطاء فهذه النبتة الصغيرة تحمل بين طياتها سر إستمرار

الكون. . من هذه النبتة تستمد باقى الكائنات حياتها . النبات يمثل

للدكتور مصطفى معان كثيرة وعالم ثرى للبحث والفلسفة . من

هذه المعرفة كانت أُسرة الدكتور مصطفى أسرة عطاءة لكل من

حولها لهذا أحبهم جيرانهم وأصدقائهم. يلوذ إليهم الجميع للنصيحة

والمشورة .

فى هذه البيئة العطاءة وجدت ليلى نفسها فتعلمت العطاء وقيمة

الوقت.

*****

رسالة من العالم الاخر…. (13)

جلست ليلى على مكتبها بالجريدة ، وإذا بها تتذكر سميحة ،

تلك السيدة التى غرقت هى وزوجها بالنيل ، وسألت نفسها هل

قصة سميحة قصة حقيقية ؟ ولكن لماذا تشبهنى ؟ ولما تختارنى أنا

لتحكى لى قصتها ؟ لماذا لاتكن إلا وحي قصة جديدة من وحى

عشقى لقراءة علم الباراسيكولوجى ؟

ظلت ليلى تفكر فى مارأته على سطح نهر النيل ، محاولة ان

تهتدى لشئ يخرجها من تلك الحيرة ، لم تفق ليلى من تفكيرها إلا

على صوت الساعى عم طه ، وهو يحمل صينية بين يديه عليها

فنجانا من القهوة ، وضعه على مكتبها قائلا :

قهوة الاستاذة ليلى من ايدين عم طه.

إبتسمت ليلى لعم طه قائلة :

جيت فى وقتك يارجل ياعجوز… طمنى اخبارك ايه.

عم طه : الحمد لله يابنتى ، طول ما ايدي قادرة تمسك صينيةالقهوة، أنا بخير….

شارك هذا المحتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عودة إلى أخبار ومستجدات المؤلفين